الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: نصب الراية لأحاديث الهداية **
قال النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ: - "وليستنج بثلاثة أحجار"، قلت: رواه البيهقي في "سننه" من حديث القعقاع بن حكيم عن أبي صالح عن أبي هريرة أن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قال: "إنما أنا لكم مثل الولد إذا ذهب أحدكم إلى الغائط، فلا يستقبل القبلة، ولا يستدبرها بغائط ولا بول، وليستنج بثلاثة أحجار" ونهى عن الروث والرمة، وأن يستنجي الرجل بيمينه، انتهى. ورواه أبو داود [في "باب كراهية استقبال القبلة عند قضاء الحاجة" ص 3، والنسائي في "باب النهي عن الاستطابة بالروث" والطحاوي في "باب الاستجمار" ص 72، وابن ماجه في "باب الاستنجاء بالحجارة" ولفظه. وأمر بثلاثة أحجار.]. والنسائي. وابن ماجه. وابن حبان في "صحيحه". وأحمد في "مسنده" كلهم بلفظ: وكان بثلاثة أحجار، فلذلك عزوناه للبيهقي، لأنه بلفظ الكتاب، ومعنى الحديث في مسلم [في "باب الاستطابة" ص 130 - ج 1] من حديث سلمان، قيل له: قد علمكم نبيكم كل شيء حتى الخراءة! فقال سلمان: أجل، نهانا أن نستقبل القبلة بغائط أو بول، أو أن نستنجي باليمين، أو نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار أو نستنجي برجيع، أو عظم، انتهى. - حديث آخر بلفظ الكتاب، رواه الدارقطني في "سننه" حدثنا عبد الباقي بن قانع ثنا أحمد بن الحسن [أحمد بن الحسن بن أبان المضري من رجال الميزان.] المضري ثنا أبو عاصم ثنا زمعة بن صالح عن سلمة بن وهرام عن طاوس عن ابن عباس، قال: قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ: "إذا قضى أحدكم حاجته فليستنج بثلاثة أحجار أو ثلاثة أعواد أو ثلاثة حثيات من تراب"، قال زمعة: فحدثت به ابن طاوس، فقال: أخبرني أبي عن ابن عباس، قال: قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ: بهذا سواء، قال الدارقطني: لم يسنده غير المضري، وهو كذاب، وغيره يرويه عن طاوس مرسلًا [قال البيهقي ص 11: هذا هو الصحيح عن طاوس، من قوله، اهـ.] ليس فيه ابن عباس، وقد رواه ابن عيينة عن سلمة عن طاوس قوله، انتهى. ومن طريق الدارقطني، رواه ابن الجوزي في "العلل المتناهية" وذكر كلامه. - حديث آخر أخرجه ابن عدي في "الكامل" عن حماد بن الجعد ثنا قتادة حدثني خلاد الجهني عن أبيه السائب [حديث السائب قال الهيثمي في "الزوائد" ص 211: رواه الطبراني في "الكبير - والأوسط" وقيه: حماد بن الجعد، وقد أجمعوا على ضعفه، اهـ] أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ قال: "إذا دخل أحدكم الخلاء فليستنج بثلاثة أحجار" انتهى. وضعف حماد بن الجعد عن ابن معين. والنسائي، ثم قال: وهو حسن الحديث، ومع ضعفه يكتب حديثه، انتهى. وروى أبو داود [في "باب الاستنجاء بالأحجار" ص 7، والنسائي في "باب الاجتزاء في الاستطابة بالحجارة" ص 18. ]. والنسائي من حديث مسلم بن قرط عن عروة عن عائشة أن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قال: "إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليذهب معه بثلاثة أحجار، فليستطب بها، فإنها تجزئ عنه"، انتهى. ورواه الدارقطني بلفظ: فلستطب بثلاثة أحجارفإنها تجزئ عنه، وقال: إسناده صحيح، انتهى. وروى الطبراني في "معجمه" من حديث الهقل بن زياد عن الأوزاعي عن عثمان بن أبي أسورة عن أبي شعيب الحضرمي عن أبي أيوب الأنصاري [حديث أبي أيوب قال في "الزوائد" ص 211 - ج 1: رواه الطبراني في "الكبير - والأوسط" ورجاله موثقون، إلا أن أبا شعيب صاحب أبي أيوب، فلم أر فيه تعديلًا ولا جرحًا.]، قال: قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ: "إذا تغوط أحدكم فليتمسح بثلاثة أحجار، فإن ذلك كافيه"، انتهى. قال الشيخ تقي الدين في "الإمام": واستدل من جوز الاستنجاء بأقل من ثلاثة أحجار بما رواه البخاري في "صحيحه [8]" حدثنا أبو نعيم ثنا زهير عن أبي إسحاق، قال: ليس أبو عبيدة ذكره، ولكن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه أنه سمع عبد اللّه يقول: أتى النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ الغائط فأمرني أن آتيه بثلاثة أحجار فوجدت حجرين والتمست الثالث فلم أجد، فأخذت روثة فأتيته بها، فأخذ الحجرين وألقى الروثة، وقال: "هذا ركس" ورواه الترمذي [في "باب الاستنجاء بالحجرين".] من حديث إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن عبد اللّه، واعترض عليه بثلاثة أشياء: الأول: ادعاء الانقطاع بين أبي إسحاق وعبد الرحمن بن الأسود، وأن فيه تدليسًا من أبي إسحاق، ذكر البيهقي في "الخلافيات" عن ابن الشاذكوني، قال: ما سمعت بتدليس قط أعجب من هذا ولا أخفى، قال أبو عبيدة: لم يحدثني، ولكن عبد الرحمن عن فلان عن فلان، ولم بقل: حدثني. فجاز الحديث، وسار الاعتراض. الثاني: الاختلاف في إسناده، قال ابن أبي حاتم: سمعت أبا زرعة يقول في حديث إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن عبد اللّه "إن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ استنجى بحجرين وألقى الروثة" فقال أبو زرعة: اختلفوا في إسناده، فمنهم من يقول: عن أبي إسحاق عن الأسود عن عبد اللّه، ومنهم من يقول: عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد اللّه، ومنهم من يقول: عن أبي إسحاق عن علقمة عن عبد اللّه والصحيح عندي حديث أبي عبيدة، وكذلك روى إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة. وإسرائيل أحفظهم، وقال الترمذي: سألت عبد اللّه بن عبد الرحمن [الدارمي] أي الروايات في هذا، عن أبي إسحاق أصح؟ فلم يقض فيه بشيء، وسألت محمدًا عن هذا فلم يقض فيه بشيء، وكأنه رأى حديث زهير عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن عبد اللّه أشبه، فوضعه في "كتابه الجامع"، وأصح شيء في هذا عندي حديث إسرائيل، لأنه أثبت وأحفظ لحديث أبي إسحاق من هؤلاء، وتابعه على ذلك قيس بن الربيع. الاعتراض الثالث: روى الدارقطني [ص 20، وأحمد: ص 450 - ج 1، من طريق أبي إسحاق عن علقمة، وهو منقطع كما قال البيهقي في "كتاب القراءة" ص 149: أبو إسحاق لم يسمع من علقمة شيئًا، واختلف على أبي إسحاق في الإسناد كما قال الدارقطني ص 20: قد اختلف علي بن أبي إسحاق في إسناد هذا الحديث وقد بينت الاختلاف في موضع آخر، اهـ.]، ثم البيهقي من طريق عبد الرزاق عن معمر عن أبي إسحاق عن علقمة بن قيس عن ابن مسعود أن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ ذهب لحاجته، فأمر ابن مسعود أن يأتيه بثلاثة أحجار، فأتاه بحجرين وروثة، فألقى الروثة، وقال: "إنها ركس ائتني بحجر"، انتهى. قال البيهقي: تابعه [لم أجد قوله: تابعه، إلخ] أبو شيبة إبراهيم بن عثمان [قلت: إبراهيم بن عثمان متروك "تقريب" و"الميزان".] عن أبي إسحاق، قال الشيخ: والجواب: أما الأول: وهو التدليس، فقد نبه البخاري على عدمه بعد ما أخرج هذا الحديث، فقال: وقال إبراهيم بن يوسف عن أبيه عن أبي إسحاق: حدثني عبد الرحمن هذا، واعترضه البيهقي في "الخلافيات" بأن قال: وذكر إبراهيم [قال النسائي: ليس بالقوي، وقال الجوزجاني: ضعيف الحديث، وقال أبو حاتم: حسن الحديث يكتب حديثه" وقال ابن عدي: له أحاديث صالحة، وليس بمنكر الحديث يكتب حديثه، ذكره ابن حبان في الثقات، قال الدارقطني: ثقة، وقال ابن معين: ليس بالأقوى ما يكون، وقال أبو داود: ضعيف "تقريب".] بن يوسف لسماع أبي إسحاق لا يجعله متصلًا، ثم أسند من جهة عباس الدوري عن يحيى بن معين، قال: إبراهيم بن يوسف بن أبي إسحاق، ليس بشيء، انتهى. قال: وذكر البخاري لرواية إبراهيم بن يوسف - لعضد - رفع التدليس مما يقتضي أنه عنده في حيزِّ من ترجح به، ويؤيد ذلك أن ابن أبي حاتم، قال: سمعت أبي يقول: يكتب حديثه، وهو حسن الحديث، ووجه آخر في رفع التدليس ما ذكره الإسماعيلي في "صحيحه" المستخرج على البخاري، بعد رواية الحديث من جهة يحيى بن سعيد عن زهير بن معاوية عن أبي إسحاق عن عبد اللّه أن يحيى بن سعيد لا يرضى أن يأخذ عن زهير عن أبي إسحاق ما ليس بسماع لأبي إسحاق، وأما الوجه الثاني: وهو الاختلاف، وما قيل فيه من الترجيح لرواية أبي عبيدة عن أبيه من قول أبي زرعة. وأبي عيسى، فلعل البخاري لم يرى ذلك متعارضًا، وجعلهما إسنادين، أو أسانيد، ومما يعارض كون الصحيح أبو عبيدة عن أبيه رواية البخاري عن أبي إسحاق، وقوله: ليس أبو عبيدة ذكره، وهذا نفي لروايته عن أبي عبيدة عن أبيه صريحًا، وأما الوجه الثالث: وهو زيادة "ائتني بحجر" فإن الدارقطني لم يتعرض لها، لما رواها، ولا البيهقي، وهي منقطعة، فإن أبا إسحاق لم يسمع من علقمة شيئًا بإِقراره على نفسه، وقد صرح البيهقي بذلك في موضع آخر من "سننه"، وسكت عنه هنا، قال البيهقي في "باب الدية أخماس": إن أبا إسحاق عن علقمة منقطع، لأنه رآه ولم يسمع منه، انتهى. والحديث في "البخاري" وليس فيه هذه الزيادة، كما قدمناه، واللّه أعلم، انتهى كلام الشيخ تقي الدين ملخصًا محررًا. وقال ابن الجوزي في "التحقيق": وحديث البخاري ليس فيه حجة، لأنه يحتمل أن يكون عليه السلام أخذ حجرًا ثالثًا مكان الروثة، وبالاحتمال لا يتم الاستدلال، انتهى.
|